الفرق بين العلاج النفسي السلوكي والعلاج الكيميائي الطبي

  • 18 نوفمبر، 2024
  • 50
  • #علم_النفس

 

أهمية العلاج السلوكي مقابل العلاج الدوائي

 

العلاج السلوكي والعلاج الدوائي يمثلان استراتيجيات مختلفة للتعامل مع الاضطرابات النفسية والسلوكية. على الرغم من أن كلاهما له دوره الخاص، إلا أن العلاج السلوكي يركز بشكل رئيسي على تغيير السلوكيات من خلال استراتيجيات تعليمية وتدريبية، بينما يعتمد العلاج الدوائي على التأثير الكيميائي في الدماغ للتحكم في الأعراض.

 

أهمية العلاج السلوكي

العلاج السلوكي يتفوق في بعض الجوانب على العلاج الدوائي، خاصة في أنه يقدم حلاً طويل الأمد ويساعد في تطوير المهارات الحياتية التي يمكن أن تساعد الأفراد على التكيف مع التحديات اليومية. بينما الأدوية يمكن أن تسيطر على الأعراض في المدى القصير، غالبًا ما يتطلب الأمر استراتيجيات سلوكية لتعديل جذري للسلوك.

 

مقارنة العلاج السلوكي بالعلاج الدوائي :

 

  • التحكم في الأعراض:
    الأدوية غالبًا ما تركز على تقليل الأعراض (مثل القلق، الاكتئاب، أو فرط النشاط) عبر التأثير على المواد الكيميائية في الدماغ، لكن هذه الأدوية لا تعالج الأسباب الجذرية للسلوكيات غير المرغوبة. العلاج السلوكي، بالمقابل، يهدف إلى معالجة السبب الجذري للسلوك وتغييره بطرق مستدامة.

     
  • الأثار الجانبية:
    للأدوية تأثيرات جانبية متنوعة مثل النعاس، فقدان الشهية، أو زيادة الوزن، بينما العلاج السلوكي يخلو من الآثار الجانبية الجسدية، ما يجعله خيارًا مفضلاً لدى العديد من الأسر.

     
  • التكيف الطويل الأمد:
    العلاج السلوكي يقدم استراتيجيات تعلم للأفراد كيفية التعامل مع المشاكل والضغوطات بشكل مستقل، بينما قد يحتاج الشخص إلى الاستمرار في تناول الأدوية لفترة طويلة أو بشكل دائم للحفاظ على الاستقرار.

 

استراتيجيات تعديل السلوك في العلاج السلوكي

 

1. الإطفاء (Extinction)
 

الإطفاء هو تقنية تعتمد على إزالة التعزيز الذي يحافظ على سلوك معين، مما يؤدي إلى تقليل السلوك بمرور الوقت. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يظهر سلوكًا غير مرغوب فيه (مثل نوبات الغضب) ويحصل على الاهتمام كل مرة، فإن تجاهل هذا السلوك سيؤدي إلى إطفاءه تدريجيًا لأنه لم يعد يحصل على التعزيز الذي يغذيه.

دراسة في Journal of Applied Behavior Analysis أوضحت أن الإطفاء يعتبر فعّالاً في تقليل السلوكيات غير المرغوبة عند الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة في البيئات المدرسية.

 

2. التشكيل (Shaping)
 

التشكيل هو تقنية تُستخدم لتدريب الأفراد على تطوير سلوكيات جديدة تدريجيًا. يعتمد هذا الأسلوب على تعزيز المحاولات الأولية التي تقترب من السلوك المستهدف، ثم تعزيز خطوات أكثر تقدمًا حتى يصل الفرد إلى السلوك النهائي.

على سبيل المثال، إذا كان الهدف هو تعليم طفل ذي احتياجات خاصة مهارة معينة، مثل التواصل اللفظي، يمكن تعزيز المحاولات الصغيرة نحو الكلام (مثل إصدار الأصوات) ثم تعزيز التقدم تدريجيًا حتى يصل إلى الكلام الكامل.

التشكيل يعتمد على الصبر والتكرار، ويستخدم بشكل كبير في برامج تعليم الأطفال المصابين بالتوحد.

 

3. جداول التعزيز (Schedules of Reinforcement)
 

جداول التعزيز تُعد من أهم مفاهيم تحليل السلوك. التعزيز المستمر (Continuous Reinforcement) يُستخدم في البداية عندما يكون الهدف هو تأسيس سلوك جديد. بعد ذلك، يتم استخدام التعزيز المتقطع (Intermittent Reinforcement) للحفاظ على السلوك بمرور الوقت دون الحاجة لتعزيز كل استجابة.

على سبيل المثال، يمكن استخدام التعزيز المتقطع لتعزيز الانضباط الذاتي عند الأطفال ذوي فرط الحركة. بدلاً من تقديم المكافأة في كل مرة يظهر فيها الطفل سلوكًا مرغوبًا، يتم تقديم المكافأة على فترات غير منتظمة.

 

4. تحليل السلوك التطبيقي (Applied Behavior Analysis - ABA)
 

تحليل السلوك التطبيقي هو نهج قائم على البحث العلمي ويُعتبر أحد أكثر الأساليب فعالية في تعديل سلوك الأطفال المصابين باضطرابات مثل التوحد. يعتمد هذا الأسلوب على ملاحظة السلوكيات، ثم تحليل العوامل البيئية التي تؤثر على هذه السلوكيات، ومن ثم تطبيق تدخلات تهدف إلى تعزيز السلوكيات المرغوبة وتقليل السلوكيات غير المرغوبة.

ABA أثبت فعاليته في تعليم مهارات الحياة اليومية والتفاعل الاجتماعي واللغة للأطفال الذين يعانون من اضطراب التوحد. يتضمن استخدام مجموعة من الاستراتيجيات السلوكية مثل التعزيز الإيجابي، التسلسل (chaining)، والتشكيل.

 

5. المحو (Fading)
 

المحو هو تقنية تستخدم لتقليل تدريجي للمساعدة الخارجية أو الإشارات (prompts) التي يحتاجها الشخص لأداء سلوك معين. الهدف من المحو هو أن يصبح الفرد أكثر استقلالية في أداء السلوكيات بعد أن كانت تعتمد في البداية على تعزيز أو مساعدة خارجية.

يُستخدم المحو بشكل شائع في التعليم التدريجي للأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم أو التوحد، حيث يتم تقليل الدعم بمرور الوقت لتعزيز استقلاليتهم.

 

دمج العلاج السلوكي مع الدوائي

في بعض الحالات، يكون دمج العلاج السلوكي مع العلاج الدوائي هو الخيار الأفضل، خاصة عند التعامل مع حالات شديدة مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) أو اضطراب ثنائي القطب. بينما يساعد الدواء في السيطرة على الأعراض الكيميائية العصبية، يعمل العلاج السلوكي على تحسين مهارات التعامل مع التحديات الحياتية.
 

 

المراجع العلمية:

  1. Kazdin, A. E. (2008). Behavior Modification in Applied Settings. Wadsworth.
  2. Cooper, J. O., Heron, T. E., & Heward, W. L. (2020). Applied Behavior Analysis (3rd ed.). Pearson.
  3. Lovaas, O. I. (1987). Behavioral treatment and normal educational and intellectual functioning in young autistic children. Journal of Consulting and Clinical Psychology, 55(1), 3–9.
  4. Pelham, W. E., & Fabiano, G. A. (2008). Evidence-based psychosocial treatments for attention-deficit/hyperactivity disorder. Journal of Clinical Child & Adolescent Psychology,

شارك المقال